Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

لقاء وحدة الخريجين مع أ.د محسن آل تميم

لقاء وحدة الخريجين مع الاستاذ الدكتور محسن آل تميم

  • قرار الالتحاق بكلية الطب والعراقيل

ولدت وترعرعت في وادي الدواسر في فترة كانت محرومة من كل أشكال الخدمات الصحية، إلا ما كان من حملات صحية تصل في مواسم محددة لاعطاء التطعيمات. ثم افتتح مركز صحي فأقبل عليه المواطنون بشغف لحاجتهم الماسة

وقد كنت الحظ ما يقدمه الأطباء للناس من خدمات ذات قيمة عالية في تخفيف معاناة المرضى، وما يحظون به من تقدير بالغ لقاء تلك الخدمات. فقلت في نفسي وما الذي ينقصنا لتبقى هذه الخدمة الجليلة حكراً على غير السعوديين؟!

وانطلاقاً من ذلك الطموح الذي تبلور في ذهني في سن مبكرة جداً، قمتفي السنة الخامسة من عمري بتقمص دور الطبيب ، فأنشأت عيادة في بيتنا كانت عبارة عن رف من الخشب جعلت فوقه سوائل ملونة -كما لو كانت محاليل طبية كالمعقمات التي كانت في الوحدة الصحية - وغمرت فيها قلم رصاص، ثم جمعت الأطفال الذين كانوا في سني لكي أعطي كل منهم حقنة أو تطعيمة (كانت تسمى توتينة)!.

وهكذا كنت متشربا بالمهنة من طفولتي المبكرة.

ونتيجة لذلك الطموح، لم أتوجه بعد انتهاء المرحلة الإبتدائية -كسائر زملائي آنذاك – إلى الإلتحاق بمعهد إعداد المعلمين، الذي كان لا يبعد عن بيتنا إلا كيلومتر واحد، وإنما التحقت بالدراسة في المدرسة المتوسطة -التي كانت تبعد عنا حوالي ثمانية كيلومترات، كان أكثرها صحراء قاحلة! ومع ذلك كنت أقطعها يومياً ذهاباً وإياباً في أجواء الحر والبرد بالوسائل البدائية ، إلى أن يسر الله سيارة نقل بالأيجار!.

وبعد انتهاء المرحلة المتوسطة كانت الخطوة التالية الالتحاق بالثانوية ولم يكن حينها في الوادي مدرسة ثانوية فانتقلت إلى الرياض، والتحقت بمدرسة اليمامة الثانوية!

وبعد التخرج لم يكن في المملكة كلية لدراسة الطب، وكانت بعثات وزارة المعارف لدراسة الطب خارج المملكة متوقفة، بينما كانت وزارة الدفاع والطيران تبعث المرشحين لدراسة الطب إلى دولة النمسا، فتقدمت وكنت ثاني طالب في قائمة المرشحين الذين تم اختيارهم للإبتعاث.

علمت الوالدة بقرار سفري لدراسة الطب في النمسا، فانزعجت خوفا علي من الغربة في تلك البلاد المختلفة عنا جذريا في الدين والثقافة. ثم صارت تواصل البكاء ليلا ونهارا، وطلبت من ابي التدخل لإلغاء بعثتي، لكنه -رحمه الله -كان ثاقب النظرة، ثم وسطت أخوالي، لكنهم كانوا كذلك يعرفون انها المصلحة!

ومع اصراري على تحقيق مصلحتي ومصلحة مجتمعي كان في نفسي شيء كثير من إغضاب والدتي، فكنت أدعو الله أن يكتب لي الخير أينما كان وكيف كان! وأن يفرج عني هذا الصراع الداخلي في نفسي.

خرجت من مكتب البعثات التابع للوزارة وبيدي ورقة تحويل للجوازات لاستصدار جواز سفر لي لألحق بموعد السفر الذي كان مقررا خلال أيام، فركبت مع صاحب تاكسي.

وفي منتصف الطريق إذا بيد سائق التاكسيتمتد إلى مفتاح الراديو، فيفتحه وإذا أول خبر ينطق به الراديو الإعلان عن افتتاح كلية للطب في جامعة الملك سعود بالرياض، وتدعو الراغبين من الطلاب التقدم للقبول! فكنت من المقبولين، وهكذا، انفرجت المشكلة! وبذلك كنت أحد خريجي الدفعة الأولى للطب في المملكة!.    

  • ذكريات من مرحلة دراسة الطب

كانت لدي رغبة عارمة في التخصص في مجال الجراحة العامة التي كانت -آنذاك -تشمل سبعة من التخصصات الدقيقة في الوقت الحاضر، ولهذا كنت بين مجموعتي الذي يتولى تشريح الجثث، من أجل التعرف على تفاصيل ودقائق تركيب كافة أجزاء الجسم البشري، حتى تكون جراحاتي في المستقبل –بحول الله -عن علم دقيق بكافة تفاصيل تشريح الجسم، وقد كان في ذهني أن أي ثغرة قصور في استيعابي وقدرتي على استحضار خرائط تشريح الجسم من الذاكرة -عندما تكون هناك حاجة للتدخل الجراحي في أي مكان في الجسم -يمكن أن تكون سبباً لمضاعفات للجراحة قد تؤدي بحياة المريض أو يدفع المريض بسببها ثمناً باهظاً من صحته!.

وقد أثمر هذا الاهتمام المركز بعلم التشريح أن اكتشفت أربعة عشر خطأ علمي في ثلاثة مجلدات في أهم كتاب معتمد للتشريح في العالم: Cunningham's Manual

Practical Anatomy)). وقد كان أكثر تلك الأخطاء في الصور المرسومة من قبل الرسامين الذي كانوا يتخيلون كيف ستكون مقاطع الجسم –وذلك كان قبل اختراع الأشعة المقطعية بالكمبيوتر –فكانوا يضعون أحياناً بعض الأعضاء أو المكونات الأخرى في الجسم في مقطع لا يتناسب مع مستوى المقطع الحقيقي للجسم، الذي أريد من الصورة أن تمثله!

وقد كنت أطلع البروفسور الهندي/البريطاني المسلم (أحمد محيي الدين) عليها فيوافقني

وحينما انتهت مرحلة دراسة العلوم الأساسية في الطب استقدمت الجامعة أساتذة من جامعة لندن -كممتحنين خارجيين -لضمان كفاءة تأهيل طلاب الكلية، بموجب عقد موقع بين الجامعتين.

فمن كان الممتحن الخارجي في مادة التشريح؟!

لقد كان البروفيسور (Romanes) مؤلف كتاب التشريح المشار إليه أعلاه!

انتهى الامتحان وحققت درجة الامتياز في التشريح.

بعدئذٍ ناداني البروفسور محيي الدين وقدمني إلى المؤلف قائلا هذا الشاب لديه ملاحظات على كتابك، فليطلعك عليها! تصفحت معه مجلدات كتابه ونبهته على الأخطاء فيها واحدا بعد الآخر، وكان في كل مرة يربت على كتفي موافقا، ويشكرني، ثم وعدني باستدراكها جميعاً في الطبعات القادمة!

لقد كنت ولله الحمد متفوقاَ في دراستي، ولهذا تم ترشيحي- بعد التخرج وإكمال سنة الامتياز -معيداَ في قسم الجراحة.

        وقد كان توجه الجامعة لإبتعاث خريجي الدفعة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية ، ولهذا جلسنا بعد حوالي شهر من تخرجنا لإمتحان المعادلة الأمريكية (ECFMG) فنجحت ولله الحمد من المحاولة الأولى!

ثم غيرت الجامعة الخطة، فقررت ابتعاثنا لبريطانيا!

وبعد إكمال سنة من التدريب في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومستشفى الرياض المركزي، تم ابتعاثي إلى بريطانيا في أخرعام 1398هـ، حيث ألحقت بكورس مدته ثلاثة أشهر-في لندن -للتحضير لامتحان الجزء الأول من الزمالة في الجراحة، فكنت الوحيد بين زملاء دفعتي الذي نجح في هذا الإمتحان من أول محاولة.

    ثم كان لا بد من الجلوس لامتحان معادلة البكالوريوس في بريطانيا (PLAP) وذلك للحصول وظيفة طبيب مقيم معتمدة للتدريب، ومدفوعة الأجر، فنجحت ولله الحمد من المحاولة الأولى، وباشرت التدريب الإكلينيكي الذي كان معظمه في أحد أكبر المستفيات في لندن (مستشفى سان بارثولوميو) وكان متركزاً على جراحة الأوعية الدموية، وجراحة الغدد-ثم وجهت للتدريب في ثلاثة من المستشفيات الكبرى الأخرى في بريطانيا؛ من أجل إكمال التخصصات المطلوبة للتدريب في الجراحة العامة.

     وقد وفقني الله فنجحت في الامتحان النهائي لنيل شهادة الزمالة البريطانية، التي كانت نسبة النجاح فيها بين جميع المتقدمين قلما تصل إلى نسبة 20%. وبذلك كنت الوحيد بين زملا ئي في الدفعة الأولى الذي نجح في أول محاولة في ذلك الإمتحان، وأول عائد من خريجي الدفعة الأولى، للانضمام إلى عضوية هيئة التدريس في الكلية التي تخرجت منها. وقد كان ذلك في منتصف عام 1401هـ.

  • جهاز تقوير الناسور وبراءات الاختراع

 الناسور الشرجي أحد الأمراض المنتشرة في كافة المجتمعات، وهو عبارة عن قصبة ليفية تخترق العضلة التي تتحكم في الاخراج وهي تصل بين تجويف القناة الشرجية أو المستقيم، وبين فتحة في الجلد المحيط بالشرج. ولهذا فإن استئصال -في الغالبية العظمى من الحالات – يتطلب قطع النصف السفلي من عضلة التحكم مما قد يضعف كثيرا قدرة المريض على التحكم في الخارج من هذا السبيل. كما أن هذا الاستئصال يترك فجوة كبيرة تستغرق وقتا طويلا للإلتآم، كما يتطلب مراجعات كثيرة للغيارات الجراحية، وفي ذلك الكثير من الجهد والتكلفة والمعاناة للمريض والحرج الكبير من تكرارات كشف عورته ثم إنه يترتب على ذلك طول انقطاع المريض عن العمل وتقيده من القيام بكثير من مسؤولياته الأخرى.

فأن كان الناسور من النوع المرتفع، فإن استئصاله كاملا يتطلب التضحية بكامل عضلة التحكم مما يلجأ الجراح لعمليات كبيرة معقدة كبديل لدفع ذلك الضرر الكبير.

 وقد دفعني إحساسي بمعاناة المريض والحرج الذي يواجهه الإنسان -وخاصة المسلم – بعد العمليات التقليدية للتفكير في وسيلة لإنتقاء قصبة الناسور وحدها بالإستئصال، فألهمني الله فكرة اختراع جهاز لإستخلاص قصبة الناسور وحدها -دون الإضرار بالعضلة أو خلق الفجوة الكبيرة. كما أنه تغني عن اللجوء إلى العمليات المعقدة الكبيرة في حالات الناسور المرتفع!

وقد واجهت الفكرة العديد من العقبات الفنية، حتى وفقني الله لإيجاد الآليات والطرق الآمنة لتلافيها. ثم قدمت للحصول على البراءات اللازمة "للجهاز" و"للطريقة المستخدمة"، فحصلت على البراءتين من مكتب براءت الاختراع في الولايات المتحده الأمريكية ومن دول كثيرة أخرى. ثم سافرت إلى أمريكا، وهناك تم تصنيع الجهاز. وقد كانت نتائجه في المرضى الذين أجريت عليهم العملية بالجهاز في مستشفى الملك خالد الجامعي، وفي مستشفى الرياض المركزي، وفي مستشفى الحرس الوطني، وفي مستشفيات القطاع الخاص مشجعة جداً، قياساً بالجراحة التقليدية. لكن انشغالي بمسؤولياتي الكبيرة السابقة، ثم انشغالي في الوقت الحالي بتأليف كتاب لمواجهة الحملات الشرسة للإلحاد، والتشكيك في الدين -من خلال القدح بالباطل في كل مكوناته ورموزه، وطرح الشبهات المزيفة في صور براقة تلفت أنظار من ليس لديه علم بحقيقة دين الله القويم، وخبث مكر أعداء الله، وأعداء البشر.

ومادة الكتاب تعتمد على حجج عقلية وفكرية وعلمية ببيان أن ما زعموه خللاً أو قصوراً في الدين، إنما هو عكس ذلك تماماً، إذ هو -في الحقيقة -غاية الحق والحكمة بل والإعجاز أحياناً!

وقد شارف الكتاب على الانتهاء، ولعل الله أن ييسر لي الوقت والقدرة والتوفيق -بعد تقاعدي في نهاية العام الأكاديمي الحالي –لكي أتمكن من تسويق هذا الاختراع وتعميمه.

     الجدير بالذكر أن هذا الإختراع قد حصل على الميدالية الذهبية في معرض الأجهزة الطبية في سويسرا في شهر ابريل من العام (2006م).

  •  الاختلافات والتطورات التي شهدتها الكلية:

لا شك أن التغيير والتجديد والتطوير هو هي ممارسة البشر لتلافي القصور والسلبيات ولمواكبة المستجدات والمتغيرات في العلوم وتطور التقنيات، والإقتباس من التجارب الناجحة لدى الآخرين -إن أحسن الإختيار وضُمن توفر الأرضية والبيئة المناسبة لنجاح الأخذ بها.

ففي المجال الأكاديمي تم التحول من النظام السنوي إلى النظام الفصلي، والتحول من استكمال المعارف الأساسية أفقياً قبل الإنتقال إلى الممارسة السريرية إلى نظام البلوكات حيث يتم التركيز على أحد أجهزة الجسم فيكون تعليم أساسياته متماشياً مع الدراسة الإكلينيكية والتدريب في المستشفى على الحالات المرضية التي تصيب ذلك الجهاز. وهكذا يتم الدمج بين المعارف والمهارات المترابطة في ذات الفترة، ومن ثم ينتقل الطالب إلى دراسة حهاز آخروالتدريب على حلاته المرضية وهكذا. ولا شك أن لكل نظام ايجابياته وسلبياته، والمهم دائما هو التنبه للسلبيات المصاحبة وتسديد تلك الثغرات

وفي جانب التخصص تحول الحال إلى التركيز على التخصصات الدقيقة لأن التوسع المهول في العلوم وكثرة المشتتات للذهن في الحياة المعاصرة تجعل من الصعوبة في الوقت الحاضر تأهيل جراح عام معاصر ليواجه جميع الحالات المرضية الجراحية، وإجراء جميع الجراحات التي كان يقوم بها الجراحون، قبل تفتيت الجراحة إلى العديد من التخصصات الدقيقة!

6 - هل لك ارتباط بمرحلة حياتية أو دور محدد؟

الحقيقة، أن لكل مرحلة عمرية من حياة الإنسان والظروف المحيطة وقتها ما يناسبها من أدوار.

ولقد كنت –ولله الحمد -سعيدا بكل ما قمت به من أدوار، سواءً كجراح أوعضو هيئة تدريس وباحث، أو في المهمات القيادية التي كلفت بها أو عضوية اللجان التي شاركت فيها، أو كعضو في مجلس الشورى في ثلاث من دورات متتالية.

ففي المرحلة الأولى، كانت أعداد الأطباء السعوديين في المملكة المتخصصين لا يزيدون عن الثلاثين تقريباً، وقد كانت التحديات التي تواجهنا عالية، حيث كان أمامنا أربع أهداف ومهمات أساسية:

الأولى: كان كل منا يسعى جاهداً ترسيخ المهنة، كل في تخصصه، لتكون الممارسة والنتائج بمستوى العالم المتقدم في مجال الطب. والثاني: التدرب على المهارات اللازمة لحسن القيام بوظيفة عضو هيئة تدريس في كليات الطب من أجل توصيل المعلومات بفاعلية، واستخدام التقنيات، وإعداد الاسئلة والإمتحانات والتقويم على النحو الصحيح والدقيق، وكيفية القيام بالأبحاث وحبك المدخلات واستخلاص النتائج وإدراك مدى قيمتها إحصائياً وكيفية إعدادها للنشر في المجلات المحكمة. والثالث: هو تطوير برامج التعليم الطبي المتواصل لتهيئة الخريجين للابتعاث، ومن ثم تكوين هيئة صحية للتخصصات الصحية وتطوير برامج تدريبية في التخصصات المختلفة بحيث تكون مقبولة للجلوس لإمتحانات الزمالات الخارجية، وبعد ذلك تطوير الآليات اللازمة لمنح شهادة الزمالة السعودية، لتقليل سنوات الابتعاث، بحيث يكون للحصول على تخصص دقيق، أو إضافة خبرة خارجية جديدة. والرابع: هو إرساء دعائم إدارة طبية متطورة على غرار ما هو قائم في الدول المتقدمة.

وقد تحقق ذلك كله ولله الحمد واليوم إخواننا وأبناؤنا الأطباء السعوديين وغيرهم ومجتمعنا الكريم يجنون ثمار غرس قيادتنا الرشيدة وجهود الرعيل الأول من الأطباء السعوديين، الذين كانو يتفانون من أجل تحقيق ذلك كله، استشعاراً للأمانة التي أُلقيت على عواتقهم، وتخفيفاً لمعاناة المرضى، ونشر العلم. وفي كل ذلك، إسهام في اعداد قوة المجتمع وإرضاء لله –سبحانه وتعالى -ثم اشباع للحس الوطني، وردّ لبعض من جميل قيادتنا الكريمة في تأهيلنا، وفضل مجتمعنا العزيز في إعدادنا الأولي، وفيما صرف علينا من مال عام.

ثم شرفت بتعييني في عام 1422هـ، من قبل خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله عضوا في مجلس الشورى للمساهمة في سن أنظمة جديدة في شتى مجالات التنمية وتعديل ما هو قائم منها للمواكبة، والتطوير، وللمشاركة في اللجان البرلمانية الفاعلة، لتمثيل المملكة وتبيين مواقفها أو الدفاع عنها في مختلف القضايا.

وقد كانت فرصة رائعة لخدمة الوطن في مجال آخر.

الطبيب إنما يكون جيداً حقا عندما تجتمع فيه المعرفة العلمية الراسخة، واكتساب المهارات اللازمة، والتحلي بالبشاشة واللطف، وسائر الأخلاق الحميدة الأخرى، في معاملة المريض، مع القيام بواجباته ومسؤولياته بأمانة في رعايته، والتحلي بمختلف أخلاقيات المهنة.

  • النصيحة لمن يريد التميز

    من لديه رغبة لتحقيق طموحه في الإنجاز والتميز عليه أن يدرك أن الذكاء وحده لا يكفي وإنما يتطلب الأمر الجد والإجتهاد واالمثابرة والصبر، كما قال الشاعر:

لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

ومما يسهم كذلك في تحقيق هذا الهدف السامي، هو أن يكون تعلم العلم لذاته -لا من أجل النجاح في الامتحان -والتدبر لاستخراج المبادئ الأساسية للعلم، من أجل الوصول إلى الصورة الكلية للموضوع، فذلك يسهل وضع كل جزئية من العلم في نصابها (مكانها) فيسهل الفهم، واستمرار الاحتفاظ بها، واسترجاعها وقت حاجتها!

كما يتطلب مواكبة المستجدات في العلم في مجال التخصص، وفي المجالات ذات العلاقة.

ولا شك أن ذلك كله –في وجود المتطلبات الكثيرة الأخرى للحياة المعاصرة -يتطلب حسن إدارة الوقت، الذي هو الثروة الحقيقية للإنسان. كما أن تحقيق التوازن بين اكتساب المعارف والمهارات، وبين الراحة والاستجمام -من أجل إعادة بناء الطاقة لمزيد من الاكتساب -وتحديد الأولويات، والعمل وفقاً لذلك هو النجاح. فإن كلَّت النفس وعزفت عن موضوع، وجدها الإنسان الجاد منفتحة ومشرعة في جانب آخر، وبمثل هذه الإدارة للوقت يمكن للإنسان تقليل هدر الوقت فيما لا فائدة فيه. وأخيراً، فإن التواصل والتباحث مع الأقران يصقل فهمهم ومعارفهم، ويطورهم جميعا.

أما الإبداع فإنه يتطلب -بالإضافة لكل ما سبق -أن يكون لدى الإنسان بصيرة فاحصة وناقدة لما هو قائم، وأن يفكر خارج الصندوق –كما يقال –فلا يكون أسير لقناعة "أن ليس في الإمكان أحسن مما كان"!، وإنما يدرك أن البشر لم يتحقق لهم من العلم إلا القليل، وأن الكثير ما زال ينتظر البصائر الثاقبة لتميط اللثام عن الكنوز التي إدَّخرها الله لديه، ليهبها للموهبين من خلقه!

 

تاريخ آخر تحديث : يناير 12, 2023 3:19ص